الرئيسية
قالوا عنا
سجل الزوار
راسلنا
خريطة الموقع
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
02-28-2017 12:00
في يوم السبت الخامس من ذي الحجة ودع محبو الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن سعد السبيعي الفقيدِ الغالي الوالدِ الكريم القاضي السابق بمحكمة التمييز بمكة المكرمة ـ رحمه الله تعالى ومساعد رئيس محاكم المجمعة الأسبق وقاض محكمة الهدار الأسبق ـ الذي فارق دنيانا الفانية إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعطاء والسيرة العطرة والسمعة الطيبة وذلك عن عمر ناهز (85 سنة) قضاها في حياة زاخرة بالدأب والعطاء والإنجاز، وخدمة دينه ووطنه ومجتمعه.
وقد كان الوالد رحمه الله تعالى بحـق نسيجًا وحدَه في سيرته وأخلاقه. وقد شيعه جمع غفير من معارفه ومحبيه يتقدمهم أهله وأسرته ولفيفٌ من العلماء والفضلاء والأصدقاء ... بأعينٍ باكية وقلوب شجيَّة ... وألسُنٍ ضارعة إلى الله تعالى بالدعاء له بالمغفرة والرحمة ... ومن الوفاء لذكرى القدوات الصالحة في المجتمع أن نذكر ما كانت تتمتع به من سمات الصلاح، وجوانب التميُّز، والحق أن معالم التفرد في شخصية الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ متعددة وجليَّة، مما جعله يحوز محبة وثناء الناس من حوله.-نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد -وأنا هنا أتحدث عن والدي رحمه الله تعالى لأقدمه لأبنائه و للأجيال الجديدة كقدوة صالحة وشخصية متميزة أثْرت الحياة ونفعت المجتمع سواء على مستوى العمل أو المستوى العائلي والاجتماعي، ولا يخفى أن تأثير القدوة العملية والنماذج الحسية في وجدان الناس أبلغ وأعظم أثراً من المبادئ النظرية المجردة .. فلسان الحـال أبلـغ من لسان المقـال ، فقد أردت ألا يكون هذا المقال رثاء عابرا، ولمحة سريعة عن أبرز صور ومقوِّمات القدوة الحسنة في حياة الوالد ـ رحمه الله تعالى،مبينا أهم شمائله ومناقبه الكريمة ... راجيا الله أن يكون ذلك عرفانا له ووفاءً لبعض حقه علي.. وعزاءً لنفسي وسلوانا لي ولكل من عرفه وأحبه وأرجو أن يجد القارئ الكريم في هذا المقال ما يستحق القرأة والتأمل ... وذلك من خلال الوقفات التالية:
كان الوالد ـ رحمه الله تعالى حافظاً لكتاب الله تعالى، ولبعض المتون العلمية، محباً للتاريخ الإسلامي والتاريخ الحديث، بارعاً في علم الأنساب، شغوفاً للفقه وأصوله، دقيقاً في علم العقيدة وفق منهج السلف الصالح، وكل من سار على دربهم من العلماء والمصلحين على هدي ومنهج النبي ... وكان رحمه الله تعالى دائم التذكير في مجالسه بضرورة جمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ التنازع والاختلاف، والبعد عن الغلو والانحراف والزيْغ عن طريق الحق والهداية والرشاد.والالتفاف حول العلماء المشهود لهم بالصلاح والدعاء لولاة الأمر بالتوفيق والسداد ،وكان ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ـ معظما لأمر الصلاة محافظا على أدائها حتى وهو على فراش المرض في أخريات حياته، وكان يتعاهد أبناءه على ذلك منذ صغرهم، وكل من جاوره أو قرب منه يشهد له بهذه المنقبة العظيمة؛ وكان ـ رحمه الله تعالى يسر بمن يزوره فبيتُه المفتوح للزوار ليل نهار كان مقصدا للجميع .. يرتاده أفراد العائلة والأصدقاء والمحبون ... وكان الجميع يأنسون به وبالحديث معه وما يدور في مجلسه من أحاديث متنوعة: دينية وتاريخية وأدبية وقضائية وفقهية ومن أجمل أنواع عطاءات الوالد الراحل ـ رحمه الله تعالى وأذكرها هنا للتأسي به: تعاهد المحتاجين والفقراء، وبذل المعروف، وصلة الأرحام، وإصلاح ذات البين، وتقديم الشفاعات للآخرين، و مما عرف به الوالد رحمه الله تعالى الهمة العالية والعزيمة الصلبة والإرادة القوية، ورغم أنه كان كفيفا إلا أنه كان عصاميا فقد بنى نفسه بنفسه، حيث كان يحب إتقان العمل وتجويده، كما كان دقيقا منظما في وقته صاحب دأب ومثابرة، وظل برنامجه اليومي ثابتا لم يتغير طوال حياته رغم تغير الناس وظروف الحياة، فكان لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد، ويبدأ يومه باكرًا بعد صلاة الفجر مباشرة.كان الوالد ـ رحمه الله تعالى يحب العلوم الشرعية لاسيما ما يتعلق بالفقه والشريعة الإسلامية، كما كان يحب التاريخ والأدب العربي، وقد ساعده في ذلك حافظته القوية، إضافة إلى نشأته في بيئة مواتية كما كان الوالد ـ رحمه الله تعالى مطلعا، حفيًّا بالعلماء والأدباء ومُدارَسة العلم.من أبرز هذه الشمائل الحسنة أنه رحمه الله تعالى كان كريم الطبع، وقور النفس، حسن الخلق، ذا هيبة ورزانة، وسمت خاص تغلب عليه الطيبة والبساطة التي تغلفها الهيبة، وعلى الرغم من كثرة مشاغله وعلاقاته وارتباطاته الاجتماعية والعملية كان يعامل الناس بمنتهى اللطف والهدوء والدعة، ناهيك عما كان يتمتع به من الإنصاف وسمو النفس وشرف الأخلاق عند الخلاف والنزاع. ويؤكد كل من عرفه أنه رحمه الله تعالى كان ذو تؤدة وحلم وصبر وأناة، وكان كثير الإغضاء والتغافل مجانبا للجدال والخصام، محبا للعفو والتسامح، واصلا للرحم والقربى، عف اللسان فلا تسمع منه كلمة نابية أو فحشا في القول، يأنف من التشكي وكثرة الانتقاد، وينفر من الغيبة والنميمة والحديث فيما لا يعنيه... وقد عُرِف الوالد رحمه الله تعالى بحسن الطوية، ونقاء السيرة، وسلامة الصدر، وطيب المعشر... وهو ما انعكس في تعامله مع جميع الناس من حوله، ومن أبرز الخصال والصفات الحسنة التي تحمد له حرصه الدائب على إصلاح ومجاهدة ذاته، واشتغاله بعيوبه عن عيوب غيره، وعزوفه عن الخوض فيما لا يعنيه، وحسبك بذلك من فضيلة، ولعل من بركة الله له في عمره، أن حياته كانت حافلة بالعطاء والبر وصلة الرحم، والعمل الصالح ... ومن هذا الرصيد الإنساني الزاخر اكتسب الوالد محبة الجميع، ومن هنا نجد أن كل من رآه أو عرفه يشعر نحوه بالود، ومن قرب منه يغرم بحبه لشخصيته الآسرة وطيب خصاله وشمائله الحسنة وأخلاقه الحميدة.
وبعد هذه الوقفات مع سيرة الوالد تغمَّده الله بواسع رحمته، أرجو الله تعالى أن تكون شفيعة له عنده سبحانه، وأن تكون نبراسا لنا نحتذي به ونترسم خطاه ... وختاما أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يسكن الوالد فسيح جناته بواسع رحمته اللهم يا أعظم من سُئِل ويا أكرم من أعطى كما أعليْتَ مقام فقيدنا في البصائر وفي القلوب، وخصصته عندك بكل هذه الفضائل، وبحب كل من عرفه أو سمع بمآثره الكريمة، أسألك أن تسبغ عليه من واسع مغفرتك ورحماتك، وأن ترفع منزلته في الصالحين في دار كرامتك، وأن تخلفه في عقبه في الغابرين ... وأن تحسن عزاءنا جميعا فيه ... وتلهمنا الصبر والاحتساب على فراقه ... وتجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى بمنِّك وكرمك يا أرحم الراحمين اللهم آمين.وفي الختام أرفع شكري وتقديري لكل من واسانا في فقيدنا الغالي سواء بالحضور أو الاتصال .
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز السبيعي - أستاذ ال
تقييم
|
|
|
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.