في
الأربعاء 22 يناير 2025

جديد المقالات

06-27-2009 01:31

وطن وفي .... ورجال أوفياء
جريدة الجزيرة
التاريخ 06-27-2010
رقم العدد 13786
التفاصيل
وطن وفي .... ورجال أوفياء
د. عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز السبيعي




الوفاء من الأخلاق الكريمة، والخلال الحميدة، وهو صفة من صفات ذوي النفوس الشريفة والقلوب الكبيرة، يعظُمُ في العيون، وتصدق فيه خطراتُ الظنون، بل إن الوفاء قيمة عظيمة قدَّرتها العربُ في الجاهلية، وأقرَّهم الإسلام عليها، فمما تحلى به الرسول الكريم-صلى الله عليه وسلم-من الأخلاق الفاضلة، والشمائل الطيبة النبيلة، خلق الوفاء، فقد كان -صلى الله عليه وسلم-وفياً مع أزواجه وأهله وعشيرته وأصدقائه والناس أجمعين، ومن وفائه لأزواجه-صلى الله عليه وسلم-أنه حفظ لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها مواقفها العظيمة في نصرة الإسلام، وبذلها السخي على الدعوة، وعقلها الراجح، وتضحياتها المتعددة في سبيل الله تعالى، حتى إنه -صلى الله عليه وسلم-لم يتزوج عليها في حياتها، وظل يذكُرُها بالخير بعد وفاتها، بل كان -صلى الله عليه وسلم-يصل أقرباءَها، ويُحْسِن إلى صديقاتها، وهذا كله وفاء لها رضي الله عنها.
على هذا المنهج الرباني سار المسلمون أدْهُرًا طويلة جيلاً بعد جيل وطبقة بعد طبقة... حتى جاء رجلٌ من رحم هذه الأرض الودود الولود، كان رجلا قُدَّت من الصخرِ صلابُة عزيمته، ومن بَرَدِ الندى رقةُ طباعه، ومن ديمةِ الضحى أريحيةُ سجاياه، ومن السموم لفحًا وشكيمة مواجهتُه لأعداء الإسلام والعروبة... إنه المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله رحمة واسعة ذلك الرجل الذي رضعَ الأخلاقَ من لبانِها، وتنفس القِيمَ والمبادئ من أصولها، وامتطى صهوة المُثُلِ العليا وكان عنواناً لها، لقد قدم نفسه فداء لدينه ثم لوطنه، وأعطى كل ما في يديه، وبذل كل ما في وسعه تأسيساً لدولة التوحيد المملكة العربية السعودية حامية الإسلام وحارسة الفضيلة... لقد أحب الناس بإخلاص، وامتلأت حواسُه ومشاعره بحب الحق والخير، ونصرة الضعيف والمسكين، وكان مثلا في الوفاء والصدق والإخلاص.
فوق هذه الأرض المعطاءة أنشأ عبدالعزيز دولة آل سعود التي أسهمت إسهاماً جليلاً في حماية الإسلام والذَّبِّ عنه، والدعوة إليه، كما أسهمت إسهاماً مهماً في نشر السلام في ربوع هذا العالم، وإغاثة الملهوفين ونجدة المنكوبين، وتقديم يد العون والمساعدة لكل المحتاجين في مشارق الأرض ومغاربها وشمالها وجنوبها... بغض النظر عن الدين أو العِرْقِ أو الجنس أو اللون، فقد كانت يد المملكة العربية السعودية هي يد الرحمة والعطف والرفق والإحسان التي تقدم الخير لكل محتاج.
وتتابع الملوك من آل سعود على نصرة هذه الشيم النبيلة والقيم الرفيعة والأخلاق الراقية...، ثم كان عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وأيد بالحق والنصر كل خطاه ذلك الرجل الذي أحب الناس كل الناس، وسعى لإبهاج لوحة الحياة في كل البلدان، وأضاف لألوانها من ذَوْبِ رُوحِه، وأَلَقِ وجدانه، وصفاء نفسه، ونقاء سريرته، ويقظة ضميره، وإشراقة بصيرته، فكان رمزا عربياً إسلامياً مضيئاً زاهراً في الوفاء والجود والكرم...، وكذلك كان كل إخوانه الكرام، وعلى رأسهم سيدي ولي عهده الأمين سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود سلطان الخير أيده الله ووفقه لكل خير وسيدي سمو النائب الثاني وزير الداخلية سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود راعي الأمن والأمان، ورجل البر والإحسان حفظه الله ووفقه وسدد خطاه وسيدي أمير منطقة الرياض سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير الوفاء ورمز الجود والعطاء حفظه الله ووفقه لكل خير.
وكما قيل: الناس على دين ملوكهم، فما ظننا بوطن هؤلاء هم قادته وولاة أمره، لقد كان الوفاء خلقاً جميلاً، وطبعاً أصيلاً في أبناء هذا الوطن المعطاء، فنراهم يسارعون إلى كل خير، ويتسابقون في كل بر، ولتُسْأَلُ عن ذلك منظماتُ الإغاثة الإنسانية السعودية التي قدمت الدعم والمساندة لكل المنكوبين والمشردين والفقراء والمساكين في كافة دول العالم.
وقد ضرب كذلك علماؤنا الأجلاء، ورجال جامعاتنا الأوفياء أعظم الأمثلة في الوفاء والعطاء، والعمل المستمر، والجهد الدائب؛ نصرة ودعوة لدينهم، ثم خدمة لهذا الوطن الغالي وأبنائه الكرام، ومن بين هؤلاء العلماء، ورجالات الدولة الأوفياء - وهم كثُر والحمد لله رب العالمين - من بين هذه القامات العالية التي نفخر بها معالي أستاذنا الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي، الذي قدم لهذا الوطن ألواناً مضيئة مشرقة من الوفاء والعطاء، وأفنى شبابه في خدمة دينه ثم مليكه ووطنه، وقد تخرجت على يديه أجيال وأجيال من أبناء وطننا الحبيب، أصبح بعضهم من رجالات الدولة المخلصين، وصار لهم جهود كبيرة، وأيادٍ بيضاء على كثير من أبناء هذا الوطن الغالي، ومن أمثالهم صاحب المعالي شيخنا الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي لم يدَّخر جهداً ولا وسعاً في سبيل النهوض بهذه الجامعة العريقة.
وفي الواقع لقد ضربت لنا جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والقائمون عليها المثل الرائع في الوفاء والدقة والتنظيم والفاعلية، والعمل وفق منظومة صارمة من معايير الجودة كانت بعد الله تعالى وراء ما نراه من نهضة شاملة في الجامعة، نلمسُها في دورها الجلي في التربية والتعليم والتثقيف، وكذلك فيما نشاهده من دورها المجتمعي البارز في التواصل مع أصحاب السماحة والفضيلة العلماء في داخل الوطن وخارجه، هذا الدور الذي يعمل وفق خطة راسخة تؤسس لقيم راشدة قوامها الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف، كذلك إبراز سمو الشريعة الإسلامية وتحقيقها لمصالح العباد والبلاد، وإثراء البحث العلمي في كثير من القضايا الفقهية الطبية وغيرها، وبيان الأحكام الشرعية فيها.
إن المتابع لجهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على كافة الصُّعُد لا يسعه إلا أن يشهد لها بالوفاء الجم، والتميز والرقي؛ الأمر الذي يدفعنا إلى توجيه كل الشكر لمعالي شيخنا مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وفريق عمله، وكافة منسوبي الجامعة في كل المواقع....
والواقع أن المتأمل المنصف والمواطن الغيور، وغيره من أصحاب الفكر السليم الذين يرغبون في العمل الجاد خدمة لهذا الدين ولهذا الوطن الغالي لا يسعه إلا أن تتوق نفسه أن ينضم للعمل مع هذه الثلة الطيبة ويشاركهم شرف الخدمة النبيلة والجليلة، ولا عجب في ذلك فإن من الوفاء تشوُّقَ الرجل لإخوانه، وحنينَه إلى أوطانه، وتلهُّفَه على ما مضى من زمانه، وقد قيل: إن الكريم يحن إلى جنابه كما يحن الأسد إلى غابه، وقيل أيضا: إن من علامة الكريم أن تكون نفسُه إلى مولِدِه تواقةً، وإلى مسقطِ رأسِه مشتاقةً...!! وقال حبيب بن أوس الطَّائي (ويروى البيتُ كذلك عن أبي تمام):
كم مَنْزلٍ في الأرضِ يألَفُهُ الفَتَى
وحَنينُهُ أبداً لأوَّلِ مَنْزِلِ
وليس من أدنى شك في أن قمة الوفاء للوطن ينبغي أن يكون عطاء دون حدود، وأن لا يكون التفكير في كيفية الأخذ من هذا الوطن... وهدر طاقاته وقتل طموحات أبنائه!! وما أحوجنا إلى الوفاء الحقيقي من كل رجالات الدولة، وإلى تكاتف جميع الجهود في جميع المجالات والميادين.
إن هذا الوطن هو الأقوى بفضل الله تعالى... أقوى بدينه، ثم بأخلاقه وقيمه، ومُثُلِه وفضائله... أقوى برجالاته الأوفياء من كل التحديات، وليعرف الجميع أن أروع وأجمل صور الوفاء للوطن أن نستمر في البناء والعطاء والتقدم وأن نبذل قصارى جهدنا لحمايته والنهوض به إلى أعلى درجات الرقي، ولنبدأ من أنفسنا، ولنكن عونا لهذا الوطن الغالي وإضافة إليه، لا عبئا عليه وحسما منه.
إن أمننا... واستقرارنا...ومصدر رزقنا... وكرامتنا... كل ذلك مستهدف من أعدائنا الذين يتربصون بنا الدوائر...!! فلنصبر على أنفسنا..!! وعلى كل طارئ وأزمة؛ من أجل رفعة الوطن والمواطن، ولتكن أيدينا يداً رفيقة حانية على هذا الوطن الغالي، وما أروع أن نقدم جهودنا وأنفسنا ونسطرها كما سطرها آل سعود ورجالاتهم الأوفياء البررة، ولنقدم أجمل ما قدموا من صور الوفاء والإخلاص للوطن.
يجب أن نعمل بكل جد واجتهاد؛ لرفعة شأن وطننا الغالي، وجعله نموذجا راقياً في جميع مؤسساته وإنسانيته وتسامحه وعدله وقيادته الحكيمة، إنني أشد على يدي كل مواطن وفيٍّ لوطنه أن يحافظ على أسس ودعائم هذا الوطن الأبي، وأن ينقل عنه أروع الصور لكافة الشعوب الأخرى في كل دول العالم، وأقول لكم إن وطننا الغالي وفيٌ لمواطنيه فيستحق أن يكون له رجالات أوفياء يضحون من أجله بكل غال ونفيس، وهو لن يبخل على أحد بسخائه وحبه؛ لأن دماء رجاله الأوفياء ما زالت رطبة فيه...!!
وختاما أسأل الله عز وجل أن يحفظ مليكنا ويرزقه دائماً التوفيق والسداد في القول والعمل، وأن يرزقه البطانة الصالحة التي تعينه على الخير وتدله عليه، وأن يحفظ رجالات وطننا الأوفياء، وأن يديم توفيقهم ويسدد على طريق الخير خطاهم، وأن تستمر مسيرة الخير والعطاء والتقدم والرقي والازدهار في اطراد ونمو دائمين في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين المبارك الميمون...
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...
عميد كلية المجتمع بشقراء

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 888


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


د. عبد الله بن محمد بن عبد العزيز السبيعي
تقييم
0.00/10 (0 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

الرئيسية |الأخبار |المقالات |راسلنا | للأعلى
get firefox
Copyright © 2025 mkhtlfat.net - All rights reserved