في
الأربعاء 22 يناير 2025

منشورات صحفية
مقال منشور
د. السبيعي معقباً على السماري: وقع

د. السبيعي معقباً على السماري: وقع
جريدة
التاريخ 06-21-2015
رقم العدد 0
التفاصيل
د. السبيعي معقباً على السماري:
وقعت دون أن تدري في جملة من الأخطاء





طالعت كغيري من القراء في جريدتنا الغراء جريدة الجزيرة يوم الأربعاء 27-7- 1429هـ مقالاً للأستاذ عبدالرحمن بن سعد السماري بعنوان (مستعجل: جامعة الإمام.. تركت مجالها) وقد صُدمت حقيقة ببعض ما جاء في هذا المقال من أفكار، وأردت أن أوضح بعض الأمور المهمة للكاتب إنصافا لجامعة الإمام، وتبياناً للحقائق التي غابت عن بعضهم - ككاتبنا العزيز - فالتبس عليهم الأمر..!

وبداية أود أن أشيد بأدب الكاتب الجم وأسلوبه المهذب في عرض الموضوع، وهذه فضيلة يجب أن يتحلى بها كل من يريد البناء لا الهدم.. وقد ظهرت هذه الصفة واضحة جلية في فقرات كثيرة من المقالة، ولذا وجب التنويه.

وأنا في الواقع أتفق مع الكاتب في بعض الأفكار التي طرحها من قبيل:

- أننا بحاجة ماسة إلى العلم الشرعي الصحيح الموصل.

- أننا نحتاج إلى الدعاة من العلماء وطلبة العلم الثقات.

- أننا نحتاج إلى مراكز بحث علمية شرعية متخصصة.

- إننا نحتاج إلى الأطباء والمهندسين والكيميائيين والصيادلة والخبراء في الزراعة وعلوم الأدوية والأمراض وغيرها من المجالات العلمية ...الخ.

ولكنني أخالف الكاتب فيما اتهم به جامعة الإمام بأنها تركت مجالها الذي أسست من أجله، وأقول: إن إطلاق مثل هذا الكلام على عواهنه هكذا فيه مجانبة للصواب، وافتئات على الحقائق، وربما أساء ذلك إلى وجهة نظر الكاتب، وأفقدها كثيراً من الألق والوجاهة، وأدخلها - من حيث لم يقصد - في عداد المقالات المزايدة التي تُكتب نكاية في مؤسسة ما، أو فرد ما، وأنا أبرأ بكاتبنا الكريم أن يكون هذا قصده، فصدق النية والرغبة الخالصة في نشر العلم الشرعي المؤصل الصحيح كانا رائده ودافعه فيما كتب.. لكنه وقع دون أن يدري في جملة من الأخطاء، أناقشها - مستعيناً بالله تعالى - فيما يلي:

أولا : منْ قال: إن جامعة الإمام قد تخلت عن مهمتها وتركت مجالها الذي أسست من أجله؟ وليسمح لي الكاتب الكريم بأن أسأله، ما دور الجامعة - أية جامعة - في المجتمع؟! أليس هو تعليم الطلاب كل مناحي العلم النافع في مجالات الحياة وتخصصاتها المختلفة، وإعداد الكوادر المؤهلة لخدمة المجتمع في كل ميادين الحياة؟! أليس جزءاً من رسالة الجامعة: إمداد المجتمع بالعلماء والدعاة، والمعلمين والأطباء والممرضين والمهندسين والكيميائيين ....الخ أم أن المجتمع لا يحتاج إلا إلى الدعاة فقظ!!

ثانياً : هل الدور الأول للجامعة في المجتمع - أية جامعة - هو التعليم المنظم وإعداد الكوادر المؤهلة (والمدربة في هدوء ودون صخب..) لخدمة المجتمع في كل ميادين الحياة أم عقد الندوات واللقاءات الإعلامية لبيان موقف الجامعة من القضايا المثارة والأسئلة المطروحة في الساحة الإعلامية، واللهاث هنا وهناك خلف الصحف ووسائل الإعلام (الميديا) المختلفة سعياً وراء الدعاية والفرقعة الإعلامية؟!

ثالثاً : هل سأل أحد ما جامعة الإمام عن أية قضية أو مسألة من المسائل الشرعية وتقاعست الجامعة عن القيام بواجبها في الرد عليها، أو تهربت من الإجابة عنها؟!

رابعاً : أليس جل من يتصدى للإرهاب والتطرف الفكري الآن هم من أبناء جامعة الإمام، سواء أكانوا من العلماء أو الفقهاء أو القضاة أو طلبة العلم وأئمة المساجد ...إلخ؟! أيجوز بعد ذلك أن يزعم بعضهم أن جامعة الإمام بما تملكه من العديد من الفقهاء في المعهد العالي للقضاء وكلية الشريعة وكلية أصول الدين وكلية الدعوة والإعلام يغيبون عن قضايا الأمة؟! وكيف تتهم جامعة الإمام بذلك وأبناؤها هم رجال الميدان في المواقع المختلفة؟! وهل يصح ألا نعترف بجهود جامعة الإمام في مكافحة الإرهاب والتصدي لقضايا الأمة المثارة إلا إذا ظهرت بصورة مباشرة تبدو فيها جامعة الإمام ممثلة في هيئة معينة من هيئاتها وهي تقوم بهذه المهمة؟!

خامساً : يبدو أن الأمر التبس على الكاتب الكريم فلم يدرك الفرق بين دور الجامعة الأول والأساس وهو التعليم، وبين أدوار أخرى منوطة بهيئات أخرى كهيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للافتاء، وغيرهما، ولا أعرف إن كان نسي أو تناسى حقيقة أن جل من يتصدرون للقضايا الفكرية التي أشار إليها، وجل من يقفون في الصفوف الأولى لمواجهة التطرف الفكري ومحاصرة الإرهاب هم من أبناء جامعة الإمام الإسلامية.. وهذه شهادة على أن جامعة الإمام أدت دورها بامتياز فهؤلاء هم أبناؤها رجال الميدان في كل مكان، وليس من الضروري أن يتكلموا باسم الجامعة فمن الطبيعي أنهم الآن يمثلون الهيئات التي ينتمون إليها، وهذه ليست القضية، المهم هنا هو أن جامعة الإمام الإسلامية قامت بفضل الله تعالى بدورها الأساس المنوط بها وهو إعداد الكوادر المؤهلة لخدمة المجتمع.

سادساً : هل قام الكاتب الكريم بزيارة لجامعة الإمام الإسلامية ليتعرف - عن قرب - على جهودها المختلفة في خدمة الدعوة الإسلامية على امتداد أمتنا الكبيرة قبل أن يتهمها بأنها غائبة عن قضايا هذه الأمة؟ إنني أقول وبكل أمانة وموضوعية إن جامعة الإمام الاسلامية - وعلى رأسها صاحب المعالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير الجامعة - تبذل قصارى جهودها في سبيل خدمة الدعوة الإسلامية على كل الصعد وفي كل الجبهات.. لكنها تعمل في صمت، ولا تحب الصخب ولا الضجيج الإعلامي، لأنها تؤدي دورها احتسابا لوجه الله تعالى، وقياماً بواجبها في تحقيق مصلحة المسلمين.

سابعاً : ألم يكن من الأجدى أن يسجل الكاتب الكريم ملاحظاته واقتراحاته ويقدمها - محتسباً الأجر عند الله تعالى - مباشرة لجامعة الإمام؟! وهي ترحب بأي ناصح كريم أو ناقد بصير يريد توجيهها إلى شيء نافع مفيد يعود بالنفع على هذه الأمة ويحقق مصلحتها!! وبالمناسبة فإن باب معالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير الجامعة مفتوح على مصراعيه لكل ناصح أمين لأن معاليه يؤمن بأن الرؤية تصبح أكثر ثراء وعمقاً كلما شارك في صياغتها أصحاب العقول الحكيمة المستنيرة والنفوس المطمئنة البعيدين عن الأهواء والنزهات..!

ثامناً : ذكرالكاتب الكريم الأزهر، وهو ولا شك مؤسسة عريقة لها ثقلها الكبير في العالم الإسلامي، لكن محاولات تطوير وتحديث الأزهر ودعمه بكليات ومناهج وطرق تدريس حديثة.. الخ، كل ذلك أتى في سياق مختلف تماما، وكان وراءه أهداف وأغراض معينة..! ولا يخفى على الكاتب الكريم ما يتعرض له التعليم الديني في أماكن كثيرة خارج المملكة العربية السعودية من ضغوط هائلة.. لا داعي الآن للخوض فيها حتى لا نبتعد عن موضوعنا.. وعلى أية حال فأود أن ألفت انتباه الكاتب الكريم إلى أن الأزهر مؤسسة دينية كبيرة ومرجعية أصيلة في العالم الإسلامي وجامعة الأزهر جزء من هذه المؤسسة الدينية الضخمة، ويتمثل دورها في التعليم وإعداد الكوادر، وليست دار الافتاء المصرية، ولا جبهة علماء الأزهر مؤسسات تابعة لجامعة الأزهر كما توهم الكاتب الكريم.. بل كل هذه المؤسسات تابعة للأزهر هذه الهيئة الدينية الكبرى التي تضم: الجامعة، والمجامع الفقهية المتخصصة، ومراكز البحث الشرعي.. وغيرها.

تاسعاً : نحن نتفق مع الكاتب الكريم في أننا بحاجة ماسة إلى مزيد من نشر العلم الشرعي الصحيح المؤصل.. وإلى مزيد من الدعاة النابهين المخلصين، وإلى مراكز البحث الشرعية، لكن هذا لا ينفي أننا في الوقت نفسه، وعلى نفس المستوى بحاجة إلى الأطباء والمهندسين والكيميائيين والإعلاميين.. الذين تلقوا قسطاً كبيراً من التعليم الشرعي إلى جانب تخصصاتهم العلمية الدقيقة، وذلك حتى نسد ثغرة كبيرة قد يتسلل الخطر منها إلى مجتمعنا - كما حدث في مجتمعات إسلامية أخرى أخذت بالفصل بين التعليم العصري والتعليم الديني، وأدى ذلك في النهاية إلى ازدواجية معيبة بين أفراد هذه المجتمعات..!

عاشراً : بفضل من الله تعالى تضطلع جامعة الإمام الإسلامية بواجبها على أتم وجه وتسعى لمزيد من التميز والإتقان، وربما كان من الأولى أن يطالب الكاتب الكريم بأن تتوسع حكومتنا الرشيدة في إنشاء مراكز بحث ومراكز فتيا شرعية تابعة لجامعة الإمام ولغيرها من المؤسسات بدلا من أن يهاجم جامعة الإمام الإسلامية فهي ليست ضد هذا التوسع، ولعل الكاتب الكريم قد جانبه الصواب في تحديد هدف مقالته بوضوح، وفاته توجيهها إلى وجهتها الصحيحة، فكان حري به أن يفعل ذلك بدلا من أن يهاجم جامعة الإمام الإسلامية ويتهكم عليها، فهي في الميدان بكل قوة وتدافع عن الإسلام بكل جسارة، وتواجه الإرهاب والتطرف بكل حسم، لم ولن تترك مجالها أبداً بإذن الله تعالى، والله الموفق، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.



د. عبدالله بن محمد السبيعي

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

الرئيسية |الأخبار |المقالات |راسلنا | للأعلى
get firefox
Copyright © 2025 mkhtlfat.net - All rights reserved