مبادرة ثمين
كثيرا ما يعتري المرء منا مشاعر فياضة، وتتدفق في أعماقه أحاسيس شتى وهو يزور متحفا أثريا، أو دارا للتراث السعودي تضم العديد من القطع الأثرية, ونماذج من الفلكلور الشعبي الذي تركه لنا الأقدمون موروثا يصور لنا الماضي، ويحكي عن عراقته, وهذه الأشياء الثمينة والجميلة التي نراها في المتاحف ودور التراث يبقى لها وقعها الخاص في النفس, لأن هذه المقتنيات الأثرية العريقة تحكي قصة حياة الإنسان العربي السعودي المسلم ابن هذه الأرض الذي عاش فوقها ورواها بعرقه ودمائه، وترك لنا وراءه إرثاً كبيراً ومهماً يشكل في الحقيقة أحد أبرز وأهم مكونات الشخصية والهوية.
إن هذه الصورة الحية التي يجسدها التراث بين جوانحنا ويرسِّخها في وجداناتنا ليست مجرد صورة شاعرية حالمة بل هي فكرة تؤسس لمشروع كبير يهدف إلى الاهتمام بالجانب السياحي في حياتنا ومجتمعنا بشكل جديد ومن منظور جديد يبتعد عن مفهوم سياحة الترفيه فقط، ويدخل فيها أنواعا أخرى من السياحة، ولاسيما ما يتعلق بالتراث القديم الذي له بهاؤه ورونقه الخاص في نفوسنا جميعا؛ لأنه يعني أننا أمة عريقة لها تاريخها المجيد، وتضرب بجذورها في أعماق الأرض.
ويأتي في هذا السياق «مبادرة ثمين» التي أطلقها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار خلال زيارته لمحافظة شقراء مؤخراً، والتي تهدف إلى سرعة إنجاز مشاريع التراث العمراني وإعادة تأهيلها لتكون ذات عائد اقتصادي يسهم في تحقيق أهداف التنمية السياحية الوطنية.
ومن وجهة نطري فإن هذه المبادرة غير المسبوقة في مجال السياحة والآثار تشكل نقطة البدء الصحيحة في هذا المجال الحيوي؛ فصناعة السياحة ليست مجرد شيء ترفيهي أو نشاط هامشي في الحياة كما قد يتوهم البعض، بل هي مورد رئيس من موارد الدخل الوطني للكثير من دول العالم؛ ومن هنا علينا الاهتمام الجاد بتنمية هذا المورد وتدعيمه؛ ليساهم بقوة في زيادة موارد الدخل الوطني.
وقد شعرت بسعادة كبيرة وأنا أتابع حركة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بين المواقع التراثية والأثرية في محافظة شقراء، فقد رأيته يتدفق حماسة وحيوية، ويتصرف بأخوية وتواضع وبمنتهى الأريحية والمودة مع الصغير قبل الكبير.
وهذه الفكرة المبتكرة لدعم مشاريع التراث والحفاظ على الأماكن الأثرية إنما تنبع من رجل دولة بارع هو الأمير سلطان بن سلمان الذي يبذل كل طاقته وجهده خدمة لوطنه الغالي، وما يترتب على ذلك وينشأ عنه من نتائج إيجابية إنما هو في الحقيقة دعم للمواطن السعودي في حاضره ومستقبله.
كما يأتي تحرك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان في هذا المجال انطلاقا من حرص جميع ولاة أمرنا حفظهم الله تعالى على حماية وصيانة تراثنا الثري وتسليمه إلى الأجيال الجديدة وهو في أبهى حلله وأشد حالات الرعاية والاهتمام.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الدكتور عبد الله بن محمد بن عبد العزيز السبيعي
عضو مجلس جامعة شقراء عميد كلية المجتمع بشقراء المشرف على الكراسي البحثية
وعضو مجلس الأهالي